إن علم العقائد من العلوم المهمة، بل هو أهم العلوم الإسلامية على الإطلاق، وذلك لأن هذا العلم يبين للمسلم عقيدته التي يجب أن يجزم بها، ويبين للمسلم موقعه في هذا العالم، وما هو المطلوب منه تجاه دينه، ولهذا فهو واجب على المسلمين وجوب عين
على التفصيل المذكور في أول هذا الكتاب. ومن دون أن يعرف المسلم عقيدته وأصول دينه كيف يصبح مسلما حقا؟ كما أن الشيوعي بدون أن يعرف أصول مذهبه كيف يصبح شيوعيا حقا؟ فعلم التوحيد علم عظيم الأهمية، ويجب على المسلمين خصوصا في هذا الزمان أن يزيدوا من اهتمامهم به؛ لأن عامة المسلمين،
لا بل من يدعي أنه من الخاصة، أصبح لا يعرف القطعي من عقيدته، ولا يفرق بين العقيدة والفقه، ولا يميز بين علم الاعتقاد و الإيمان، وبين علم العمل، ولا يعرف أن لكل من هذين أنواع من الأدلة، فالأدلة المقبولة في الأول قد لا تكون مقبولة في الثاني، وهكذا.
وقد كثر الخلط في زماننا هذا، ليس بين هذين العلمين وحسب، بل بين سائر العلوم الشرعية المختصة بهذا الدين؛ من عقيدة وأصول فقه وتصوف وحدیث … إلى آخر العلوم الإسلامية. ولهذا فقد رأيت من الواجب على كل من لديه القدرة على الخروج من هذا الإثم الذي وقع الناس فيه، أن يفعل هذا،وأن يبذل جهده لإخراج غيره من الإثم والخطأ ..
ومن هنا، فقد جاء اهتمامي بكتاب العلامة الإمام السنوسي المسمى بأم البراهين، وشرحه للعلامة أحمد بن عيسى الأنصاري، فأما الأول فهو متن في عقائد أهل السنة على طريقة الإمام الأشعري، وتأتي قيمته مما يدل عليه اسمه، فهو أمٌ للبراهين حقا.
وأما الشرح فيكاد يضارع المتن في الحسن والتمام ودقة التعبير ولكن لما كان الناس في عصرنا هذاغير معتادين على أسلوب المتن والشرح والحاشية مع أنه أسلوب عظيم ومفيد جدا إذا توفرت شروط الاستفادة منه لذا رأيت أن أدمج المتن في الشرح وأضيف إليه كثيرا من التعليقات التي علقها الشارح لفائدتها
وأضع كل هذا في صورة جديدة ككتاب جدید مستقل، ملتزما بعبارات الإمامين الجليلين ما استطعت، وربما أزيد عليهما قليلا من عبارات غيرهما من العلماء، وبهذا أكون قد حققت فائدتين؛ الأولى: تقديم أحد كتب العقائد المشهورة بكلام صاحبها، الثانية: مراعاة ما يوائم عادة الناس في هذا العصر.
وأرجو أن يحقق الله سبحانه وتعالى بهذا الكتاب الفائدة، وأن يكون هذا خالصا لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.” مقدمة تهذيب شرح السّنوسيّة