© KRM // Sohail Nakhooda

“كلام للبحوث والإعلام” ومهمة إحياء وتجديد التراث الكلامي الإسلامي

يُعتَبَر عِلمُ الكلام من أهمّ العلوم الإسلاميّة، وأقدمها تاريخاً، ويكتسب أهميته الفائقة من كونهِ العِلم الجامع المستمد من الأدلة الشرعية،  والبراهين اليقينية، وهو العِلم الذي يخدم علوم الدين، والممهد لإثبات المسائل الشرعية، والنافع في إقامة الحجج ودفع الشُبَه. واليوم نجد أنفسنا، أكثر من أي وقتٍ مضى، في أمس الحاجة لدعم عقيدتنا في مواجهة تحديات العصر وليس أقلها محاولات تشويه الدين واخراجه عن مسارهِ الصحيح من خلال حركات الخوارج والزندقة والتطرف العنيف التي عصفت بعالمنا الإسلامي. لقد تعرضت مسيرة تطوير التراث الكلامي إلى عراقيل خطيرة ابان حقبة التحولات البنيوية التي حدثت في فترة مابعد الاستعمار في العالم الإسلامي؛ والتي شهدت تفكيك الكثير من مراكز التعلم التقليدية، وبروز مايُعرَف بالإسلام السياسي وماصاحبه من استشراء لظاهرة التطرف الديني التي أفرزت كارثة التطرف العنيف؛ وانحسرت الهياكل الدينية التقليدية، وتبددت معها آمال الأمة في التنوير، وتراجعت القيم الأخلاقية في مواجهة احتكار المتطرفين والمتشددين لمنصات الخطاب الديني مما أدى إلى تراجع على كل الأصعدة وبخاصة على صعيد استلهام واستنهاض حضارتنا الإسلامية الزاهية، وإعادة أمجادها. ومع ذلك، فالأمل لايزال معقوداً على علماء هذه الأمة العظيمة لإحياء وتجديد عِلم الكلام بهدف إحداث نهضة اسلامية شاملة.

واليوم، تتطلب التطورات التي تشهدها مختلف مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية والفنون مشاركة عاجلة من قِبَل المسلمين. ولعل في إحياء التراث الكلامي الإسلامي الوسيلة المثلى لتحقيق ذلك، وتوسيع آفاق ونطاق عمل المؤسسة الدينية لتقدم لنا رؤية جديدة للعالم الذي نعيش فيه، وتسد الفجوة بين الفكر والعمل، وبين مراكز التعلم والمجتمعات العمرانية. انّ القضايا المتعلقة بالنشوء والتطور، والأخلاقيات، والتعددية، والحوار بين الأديان، والبيئة، والفيزياء الكمية؛ وما إلى ذلك، لا يمكن التعامل معها على أسس قانونية بحتة، بل يجب النظر إليها من منظورٍ منهجي بأبعادها اللاهوتية، والعقلانية، والروحانية، والأخلاقية، والقانونية.

والجدير بالذكر أن مؤسسة «كلام للبحوث والإعلام» أخذت على عاتقها منذ سنوات مهمة إحياء وتجديد التراث الكلامي الإسلامي؛ فأقامت الندوات، ونظمت المؤتمرات، وقامت برعاية العديد من حلقات العمل والندوات التي ركزت على مناقشة قضايا في علم الكلام وعلم اللاهوت والفلسفة والعلوم والثقافة؛ حيث شارك في تلك الفعاليات نخبة من كبار علماء الدين الإسلامي والباحثين والمختصين لتقييم حالة البحث اللاهوتي والمنح الدراسية ورسم مسار تجديد يقوم على التواصل والحوار مع التيارات الفكرية في هذا العصر. وكانت باكورة تلك الملتقيات الندوة التي أقيمت على مدى يومين في 2010 بمدينة (دبي) وشارك فيها كوكبة من العلماء والمفكرين والباحثين جاء في مقدمتهم سعادة الدكتور عارف النايض وفضيلة الشيخ الحبيب علي الجفري وفضيلة الشيخ محمد عفيفي إلى جانب نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء من كافة بقاع العالم مثل الدكتور (أَدي سيتيا) – مملكة ماليزيا، والدكتور (كمران بجوا) – مملكة البحرين، والشيخ أسامة السيد – جمهورية مصر العربية، والدكتور وليد عرفة – المملكة المتحدة، والدكتور (رجب شنتورك) – الجمهورية التركية، وكلاً من الدكتور عمر فاروق عبدالله، والدكتور (أمير الإسلام) – الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من الشيخ جهاد والدكتور نضال قيسوم والأستاذ وليد مسعد – الإمارات العربية المتحدة، والسيد حكيم القاضي والشيخ محمد المسلاتي- دولة ليبيا.

Share this post: